إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

554 ـ عليّ بن الجهم (188-249هـ) (803-863م) :

علي بن الجهم بن بدر، أبو الحسن، ينتهي نسبه إلى بطن من قريش: من شعراء القرن الثالث الهجريّ المقدّمين. نشأ في بغداد وانصرف إلى الثقافة العربية ومال عن مذهب المتكلمين الذي انتشر في عصره، واتجه إلى مذهب أهل الحديث. وكان يختلف إلى الإمام أحمد بن حنبل. كان معاصراً لأبي تمام وانعقدت بينهما صداقة قوية.

اتصل بالخليفة المتوكل العبّاسي، ومدحه بكثير من شعره، فقربه المتوكل واتخذه جليساً ونديماً وجعله من خاصته، ولكن سرعان ما كاد له بقية شعراء البلاط- وفيهم البحتري والحسين بن الضحّاك- وسعوا به لدى المتوكل حتى غضب عليه وأمر بحبسه، وصادر أمواله، ثم نفاه إلى خراسان. وفي السجن نظم أجمل قصائده.

كان علي بن الجهم فارساً وسيماً شجاعاً، جمع بين الثقافة والفتوة، وقول الشعر والعلم والأدب وشرف النسب والثروة والجاه. عالج في شعره مختلف أغراض الشعر من المدح والاستعطاف، والرثاء والهجاء والغزل والفخر والحكمة. وهو شاعر مطبوع، أظهر خصائص شعره الطبع والجزالة وتأتيه المعنى بأوضح السبل وأيسرها. ومن مشهور قصائده قوله:

قالت حبستُ فقلت ليس بضائري

حبسي وأي مهنّد لا يغمَدُ

أو ما رأيت الليث يألف غيلة

كبراَ وأوباش السبّاع تردّد

والشمس لولا أنها محجوبة

عن ناظريك لما أضاء الفرقد

والبدر يدركه السّرار فتنجلي

أيامه وكأنه متجدّد

وعليّ بن الجهم هو صاحب البيتين الشهيرين اللذين يستشهد بهما النقاد على أثر البيئة في طبع الشاعر وحسّه وهما:

عيون المها بين الرصافة والجسر

جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري

أعدْن لي الشوق القديم ولم أكن

سلوت ولكن زدتُ جمراً إلى جمرِ

انتقل عليّ بن الجهم من خراسان إلى حلب ثم خرج منها بجماعة يريد الغزو فاعترضه فرسان من بني كلب فقاتلهم، وجرح ومات من جراحه سنة 249هـ/863م.